أصداء من البرلمان حول قانون الجمعيات الجديد

استثنت المادة 3، المدرجة في فصل الأحكام العامة من قانون الجمعيات، الذي تحوز وقت الجزائر نسخته المعدلة والمحولة إلى البرلمان، الجمعيات ذات التوجه الديني من لائحة الجمعيات، التي ستخضع لنص القانون الجديد، حيث نصت على أنه يخضع تأسيس الجمعيات ذات الطابع الديني إلى نظام خاص ، ولم يفصل النص في نوعية هذا النظام أو المعايير، التي سيقوم عليها، وهو الأمر الذي يحمل عددا من المؤشرات حول الأسس، التي ستقرها السلطات مستقبلا لمنح تراخيص المزاولة لهذا الصنف من الجمعيات، التي من المتوقع أن تكون مقيدة بحزمة من الشروط الثقيلة ، بهدف تأطير توجهها لضمان عدم زيغه أو استغلاله لأغراض أخرى.

فتح باب الانخراط والشراكة مع الجمعيات الأجنبية ومنع الإعانات المالية
منع مشروع القانون المتعلق بالجمعيات، في الفصل المخصص لموارد وأملاك الجمعيات، على هذه الأخيرة الحصول على أموال ترد إليها من تنظيمات أجنبية ومنظمات غير حكومية أجنبية، غير أن الحقوق والواجبات، التي أقرتها السلطات في أجندة الجمعيات المعتمدة، لم توصد الباب أمام إمكانية انخراط الجمعيات الوطنية مع نظيرتها الأجنبية، وأبقته مفتوحا عبر المادة 23 التي تنص على يمكن للجمعيات المعتمدة أن تنخرط في جمعيات أجنبية تنشد الأهداف نفسها ، تضاف إلى المادة الموالية، التي تنص على أنه يمكن للجمعيات المعتمدة أن تتعاون في إطار الشراكة مع جمعيات أجنبية ومنظمات غير حكومية .
وإن سجل على المواد المذكورة تناقض من حيث المبدأ، على أساس أن الانخراط والشراكة سيكونان شكليين بدون حصول الجمعيات على أموال من التنظيمات أو الجمعيات الأجنبية المتعامل معها، كما تم تقييد عملية الانخراط والشراكة بشرط إعلام وزيري الداخلية والخارجية مسبقا، مع منح الأول اجل 60 يوما للإعلان عن قراره المعلل، وفي حالة الرفض يمكن تقديم طعن أمام الجهات القضائية الإدارية المختصة، التي تفصل بدورها في مشروع الانخراط في مدة أقصاها 30 يوما.
تقنين فضاء دعم وإعانة الجمعيات من أجل تطهير المناخ الجمعوي من روائح الصفقات، التي تبرم بصفة مشبوهة وترهن الأهداف، التي تقوم عليها الجمعية لحسابات شخصية، نال حظا وافيا في صيغة النص الجديد، حيث اعتبر استعمال موارد وأملاك الجمعية لأغراض شخصية أو أخرى غير تلك المنصوص عليها في قوانينها الأساسية، أن الإفراط في استغلال الأملاك الجماعية معاقب عليه طبقا للقانون ، وحالت المادة 33 من النص، دون قبول الجمعيات الهبات والوصايا المثقلة بالأعباء والشروط، إلا إذا كانت تتطابق مع الهدف المسطر في القانون الأساسي للجمعية، كما أخضع ذات النص منح الإعانات المالية للجمعيات إلى وجوب إعداد عقد برنامج، ولا يتم صرف إعانات الدولة والجماعات المحلية، إلا بعد تقديم حالة صرف الإعانات الممنوحة سابقا مع مطابقة المصاريف، التي منحت من أجلها ذات الإعانات.

حل الجمعية في حال تدخلها في الشؤون الداخلية للبلاد
ومن النقاط، التي يكتنفها الغموض في النص، الأسباب المؤدية إلى تعليق وحل الجمعيات، التي أدرجت في جملة من المواد أهمها المادة 40، حيث أوضحت أنه يمكن للجمعية أن تكون محل تعليق نشاط أو حل في حالة التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد أو المساس بالسيادة الوطنية ، ومن هذا المنطلق، يفهم من القرار أن السلطات ارتأت تلميع نيتها في إقحام تعييرات جديدة على المشهد الجمعــــوي الراهــــن دون التنازل عن امتياز الرقابـــة وفــرض الخناق، إذ منع الجمعيات من التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، دون التفصيل في مركبات هذه الشؤون، سواء السياسيـــــة أو الأمنية أو الاقتصــــادية، يترك الوضع مبهما ويركن نشاط الجمعيات في زاوية حسب مقاس السلطات.
كما أشار نص القانون في فصله المخصص للجمعيات ذات الطابع الخاص، إلى أن المؤسسات، التي تعتبر جمعيات ذات طابع خاص، تقوم على أساس التصريح بها لدى السلطات العمومية المختصة، وفي خلاف ذلك فهي تسير بموجب قواعد القانون العام، وتخرج عن مجال تطبيق قانون الجمعيات، غير أن المادة 47 من نفس النص تضاربت مع الإجراء سالف الذكر وتحديدا في يعرض كل عضو أو عضو مسير في جمعية لم يتم تسجيلها أو اعتمادها إلى عقوبة من 3 إلى 6 أشهر حبسا وغرامة مالية من مائة ألف إلى 300 ألف دينار .
من ناحية أخرى، اشترط على المؤسسات الراغبة في استعمال تسميات أشخاص أو عائلة ضرورة الحصول على ترخيص من أصحاب هذا الحق المكرس بعقد رسمي، في حين تم إخضاع الجمعيات الهادفــــــة إلى تخليد حدث أو مكان مرتبــط بتاريـــخ البلاد او استعمــــال رمز أو ثابــــت من ثوابت الأمة، إلى التسليم المسبق لترخيص خاص من طرف الإدارة المؤهلة.
وألزمت الصيغة الجديدة الجمعيات المؤسسة بصفة قانونية أن تتكيف مع الأحكام الجديدة في اجل أقصاه سنتان، عبر إيداع قوانين أساسية جديدة مطابقة لفحوى النص الجديد، وفي حالة تجاوز المدة القانونية يتم حل الجمعيات المعنية، أما المؤسسات، التي ليست لها صفة الجمعية، أن تتطابق مع القانون المعدل في اجل سنتين ابتداء من تاريخ إصداره.

و متى سيخرج القانون في الجريدة الرسمية؟؟؟